%D9%88%D8%AD%D9%8A%D8%AF%D8%A9%20%D9%81%D9%8A%20%D9%85%D9%87%D8%A8%D9%91%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%8A%D8%AD - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


وحيدة في مهبّ الريح
مسعود الجولاني - 23\10\2010
كم تمايلنا مع نسيمات الصيف الدافئة,
وكأنّنا نهمس أسرارا فاضحة بتناغم وتناسق لافتين. وكانت معظم رفيقاتي -سنابل ذلك الفوج- متشابهات إلى حدّ كبير, ناهدات, يخفينّ في أعبابهن كنوزا ودررا متوهجة, تخطف الأنظار وتبهر الأبصار, إنها ثمار يكتمل نضوجها بنظرات الشمس اللاهبة وبزقزقة العصافير الهائمة. كان حقل سنابل قمح يموج بالذهب المتراقص, وكانت أحلامنا بامتداد الفضاء ورحابة السماء, وفي المهجة رغبة جامحة بالانطلاق.
ولكنّني كنت سنبلة نحيفة,
أعبابي غير ممتلئة ومفاتني ضامرة خجولة, وكنّا جميعا ننتظر القدر -ذلك الشابّ الغامض- الذي أطلّ ملثّما وعلى عجل كعادته, اصطحب كل زميلاتي ونقلهن إلى حياة جديدة متجدّدة, فيها ما فيها من اللهفة والعشق والاستقرار, إلا أنا... تركت وحيدة مهملة في ذلك الركن المنسيّ, وحرارة الشمس التي كانت بالأمس القريب تداعبني وتحميني, باتت اليوم تحرقني وتسرق ما تبقّى من نضارتي, وأمست اللحظات القادمة أسهما تجتاحني وتخترقني وقد أضحيت سرابا.
لا,
لن أطالب بالعدل ولن أستعطف الآلهة... هي الحياة بظلمها وقسوتها, واجهتها يوما بومضات أمل متباعدة, أمّا اليوم وقد فقدته, لم يبق لي سوى اّهات دامعة وأيام بائسة مملّة ومستقبل يقودني إلى المجهول.